- تراجم بعض الأئمة على أبلغ وجه في الاختصار (3)
الإمام أحمد بن حنبل :هو الإمام الكبير المجمع على إمامته وجلالته أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال الشيباني. رحل إلى الشام والحجاز واليمن وغيرها. وسمع من سفيان بن عيينة وطبقته وروى عنه جماعة من شيوخه وخلائق آخرون لا يحصون منهم البخاري ومسلم. قال أبو زرعة: كانت كتب أحمد بن حنبل اثني عشر حملًا وكان يحفظها على ظهر قلبه وكان يحفظ ألف ألف حديث. ولد في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين على الأصح. وله [ص 12] كرامات جليلة وامتحن المحنة المشهورة.
وقد طول المؤرخون ترجمته وذكروا فيها عجائب وغرائب.
وترجمه الذهبي في النبلاء في مقدار خمسين ورقة. وأفردت ترجمته بمصنفات مستقلة. وله رحمه اللَّه المسند الكبير انتقاه من أكثر من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألف حديث ولم يدخل فيه إلا ما يحتج به. وبالغ بعضهم فأطلق على جميع ما فيه أنه صحيح. وأما ابن الجوزي فأدخل كثيرًا منه في موضوعاته. وتعقبه بعضهم في بعضها. وقد حقق الحافظ نفي الوضع عن جميع أحاديثه وأنه أحسن انتقاءً وتحريرًا من الكتب التي لم يلتزم مصنفوها الصحة في جميعها كالموطأ والسنن الأربع وليست الأحاديث الزائدة فيه على الصحيحين بأكثر ضعفًا من الأحاديث الزائدة في سنن أبي داود والترمذي. وقد ذكر العراقي أن فيه تسعة أحاديث موضوعة وأضاف إليها خمسة عشر حديثًا أوردها ابن الجوزي في الموضوعات وهي فيه وأجاب عنها حديثًا حديثًا. قال الأسيوطي: وقد فاته أحاديث أخر أوردها ابن الجوزي وهي فيه. وقد جمعها السيوطي في جزء سماه الذيل الممهد وذب عنها وعدتها أربعة عشر حديثًا. قال الحافظ ابن حجر في كتابه تعجيل المنفعة في رجال الأربعة: ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة منها حديث عبد الرحمن بن عوف أنه يدخل الجنة زحفًا قال: والاعتذار عنه أنه مما أمر أحمد بالضرب عليه فترك سهوًا قال الهيثمي في زوائد المسند: إن مسند أحمد أصح صحيحًا من غيره لا يوازي مسند أحمد كتاب مسند في كثرته وحسن سياقاته. قال السيوطي في خطبة كتابه الجامع الكبير ما لفظه: وكل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول. فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن انتهى.
( من مقدمة نيل الأوطار للشوكاني)