- رسالة لحُكام المسلمين قال المنفلوطي :
- سَتَقِفُونَ غَدًا بَيْن يَدَيْ اَللَّه يَا مُلُوك اَلْإِسْلَام وَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ
اَلْإِسْلَام إِلَى أَضَعْتُمُوهُ وَهَبَطْتُمْ بِهِ مِنْ عَلْيَاء مَجْده حَتَّى أَلْصَقْتُمْ أَنْفه
بالرغام وَعَنْ اَلْمُسْلِمِينَ اَلَّذِينَ بِالْإِغْوَاءِ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى أَعْدَائِهِمْ لِيَعِيشُوا
بَيْنهمْ عَيْش اَلْبَائِسِينَ اَلْمُسْتَضْعَفِينَ عَنْ مُدُن اَلْإِسْلَام وَأَمْصَاره اَلَّتِي
اِشْتَرَاهَا آبَاؤُكُمْ بِدِمَائِهِمْ وَأَرْوَاحهمْ ثُمَّ تَرَكُوهَا فِي أَيْدِيكُمْ لِتَذُودُوا عَنْهَا
وَتَحْمُوا ذمارها فَلَمْ تُحَرِّكُوا فِي شَأْنهَا سَاكِنًا حَتَّى غَلَبَكُمْ أَعْدَاؤُكُمْ
عَلَيْهَا فَأَصْبَحْتُمْ تَعِيشُونَ فِيهَا عَيْش اَلْأَذِلَّاء وَتَطْرُدُونَ مِنْهَا كَمَا يَطْرُد
اَلْغُرَبَاء فَمَاذَا يَكُون جَوَابكُمْ إِنْ سُئِلْتُمْ عَنْ هَذَا كُلّه غَدًا ? هَا هِيَ
اَلنَّوَاقِيس تَرِنّ فِي شُرُفَات اَلْمَآذِن بَدَل اَلْأَذَان وَهَا هِيَ اَلْمَسَاجِد تَطَأ
نِعَال اَلصَّلِيبِيِّينَ فِي تُرْبَتهَا مَوَاقِع جِبَاه اَلْمُسْلِمِينَ وَهَا هُوَ اَلْمُسْلِم يَفِرّ
بِدِينِهِ مِنْ مَكَان إِلَى مَكَان وَيَلُوذ بأكناف اَلْهِضَاب وَالشِّعَاب لَا يَسْتَطِيع
أَنْ يُؤَدِّي شَعِيره مِنْ شَعَائِر دِينه إِلَّا فِي غَار كَهَذَا اَلْغَار اَلَّذِي أَعِيش فِيهِ:
لَيْتَ اَلْمُسْلِمِينَ عَاشُوا دَهْرهمْ فَوْضَى لَا نِظَام لَهُمْ وَلَا مَلِك وَلَا
سُلْطَان كَمَا يَعِيش اَلْمُشَرَّدُونَ فِي آفَاق اَلْبِلَاد فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ
مِنْ أَنْ يَتَوَلَّى أَمْرهمْ رِجَال مَثَلكُمْ طَامِعُونَ مُسْتَبِدُّونَ يَلُفُّونَ عَلَى
أَعْنَاقهمْ جَمِيعًا غِلًّا وَاحِدًا يَسُوقُونَهُمْ بِهِ إِلَى مَوَارِد اَلتَّلَف وَالْهَلَاك مِنْ
حَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُونَ ذَوْدًا عَنْ أَنْفُسهمْ وَمَا تَفْعَل اَلْفَوْضَى وَبِأُمَّة مَا يَفْعَل بِهَا اَلِاسْتِبْدَاد.