- قال الثعالبي ، ومن محاسنه :
- ذكْرُ العُصاة والمخالفين
قد ركبوا أضاليل الهوىَ، وأباطيل المُنى، ورَعَوا مراتِعَ الظنون، ولم يروا
مطالِعَ المَنون، ما زال يوهِمُ وفاقاً ويَضْمِرُ نفاقاً، وينشر صِدق طاعة ولاء
وينشر خوافي ارتقاءٍ، يظهر المعاضَدة ويُبْطن المعاندةَ، ويُبدي موالاةً،
حشوها المماراة والمداهَنَةُ، ويُظْهرُ مُشايعةَ سِرُها المداجاة
والمداجنَة، فلان يلقى أولياءنا بوجهه، وأعداءنا بقلبه، ويكثر لهؤلاء عن
بغض سره ولهؤلاء عن حبه، استزل الشيطان قدمه، وعَرَض للسفكِ
دمَه، وأطال على فعله ندمه، نزغ له شيطانُه، وامتَدَت في البغي
أشطانُه، وجَد الشيطانُ بينهم منزغاً، ولصائبِ سهمه فيهم منزعاً،
فلان قد عصى، وشق العصا، وخلع رِبقَة الطاعةِ، وفارق ظل الجماعةِ،
فلان قد جُنَ، وقَلَب المِجن، قد مَدَ يداً قصيرةً ليتناول غايةً بعيدةً، فضَ
خاتمَ العافية بالغَدرِ، وبدَدَ شملَ الخير بقلَةِ الشُكر، شربَ كأسَ
الجَهالةِ، واستوطأ مركب الضلالةِ، ران على قلبهِ الغي، وملك قيادة
البغي، عادَ زَنْدُ شرّه قادِحاً، وفتى صَرّه قارحاً، راغ عن المذهب
القويم، وزاغ عن السِّراط المستقيم.